"مستر فلافل" كما يسميه أطفال الحرب، أو أحمد المصري (23 عاماً)، يقول إن اختيار هذا اللقب ساهم في كسر حاجز بينه وبين الأطفال الذين عرفوه وصادقوه. بات صديقهم وليس معلمهم فقط.
"لو لم أقدم شيئاً لبلدي وأهلي خلال الحرب، متى يحين دوري إذاً؟"، يقول أحمد. خلال أيام الحرب التي مرت على لبنان، كان لديه دافع قوي لتقديم ما أمكن من خلال التمثيل والفن. "شعرتُ أنه يجب أن أقوم بدوري كفنان وأقدم شيئاً للناس يخفف عنهم وطأة الحرب ويجسد دور المسرح بصورة تعكس الواقع المؤلم الذي يعيشه النازحون قسراً".
ساهم أحمد في تنظيم العديد من الأنشطة للأطفال في مراكز النزوح، من بينها المسرح، صناعة الدمى والأقنعة، الرقص والغناء وغيرها. كما قدم عروضاً يُطلق عليها إعادة التمثيل "Play Back theater" أو مسرح البَوح، "وهو ما كنا في أمسّ الحاجة إليه خلال الحرب، كون هذا النوع من المسرح يساعد الناس على التماهي مع مشاعرهم وإخبار الآخرين عما يشعرون به، ما يساعدهم على تفريغ الطاقة السلبية". وهذا بمثابة علاج نفسي جماعي.
تأثر أحمد في طفولته بالممثل الهندي هريثيك روشان، وكان يطمح أن يصبح نجماً بوليوودياً مثله، ولم يكن يعلم أن مستقبله سيكون ذا صلة بالفن، وإن كان منذ الصغر قد أبدى اهتماماً بالفنون بشكل عام والموسيقى واشترى غيتاراً أهداه في ما بعد لأحد أقربائه. ما سبق قاده إلى الالتحاق بالجامعة اللبنانية لدراسة المسرح، حيث طور موهبته واكتسب أدواته الفنية والأكاديمية، ليبدأ بعدها رحلته في عالم العروض المسرحية.
بدأت مسيرة أحمد منذ سنته الجامعية الأولى من خلال تقديم عرض حمل اسم "تعارفوا"، وهو عرض موسيقيي راقص. عرضٌ لاقى نجاحاً وفتح أمامه أفاقاً لفرص أكبر، هو الذي قدم عروضاً في الكثير من مسارح ومهرجانات لبنان.
يحاول أحمد تشكيل هوية مسرحية خاصة به، بدءاً من التمثيل وصولاً إلى الرقص المعاصر، في محاولة لاكتشاف المزيد في عالم الفن. يقول إن الفن "ليس قالباً مغلقاً، بل هو تجربة ومعرفة وعلم وتطوير للذات". في المقابل، يواجه العديد من التحديات في هذا المجال. يقول: "عادة ما يتم انتقاء الأشخاص المعروفين لأداء أدوار مسرحية، ما يشكل عائقاً أمام اكتشاف المواهب الجديدة، ويمنع التركيز على ماهية العمل الفني. وكخريجين موهوبين، لدينا القدرة على أداء أدوار البطولة، إلا أن أدوارنا غالباً ما تكون صغيرة. يضاف إلى ما سبق هيمنة شركات الإنتاج على الأعمال الفنية وحصرها بنجوم معروفين". كما يتحدث عن الأجور القليلة، إلى درجة تنعدم فيها المنافسة بين الممثلين المتخرجين حديثاً.
حصل أحمد على العديد من الجوائز منذ بداية عمله في المسرح رغم صغر سنه، ويطمح إلى ترسيخ بصمته الخاصة في هذا العالم، والتأثير في المجتمع بشكلٍ إيجابي دوماً.