«لحظة ٢»: يوميات النزوح بعيون اطفال سوريين

salam wa kalam website logo
trending شائع
نشر في 01 أيلول 14 6 دقائق للقراءة
«لحظة ٢»: يوميات النزوح بعيون اطفال سوريين
© دار المصّور
لم يتردد المصور اللبناني المحترف رمزي حيدر، في تكرار مشروع «لحظة» الذي يصور الحياة اليومية للاجئين الفلسطينيين، فجاءت «لحظة 2» السورية استكمالاً لها. عشرات الاطفال من النازحين السوريين، يوثّقون بعدسات «كاميراتهم»، تفاصيل من يومياتهم الطويلة في المخيمات ومراكز النزوح.
في ظل تزايد عدد النازحين السوريين الوافدين الى لبنان، مع طول أمد ازمة سوريا، اقدمت جمعية «مهرجان الصورة – ذاكرة»، على خوض تجربة فريدة من نوعها، تستهدف الاطفال السوريين بشكل خاص، باعتبارهم الفئة الأكثر ضعفاً وهشاشة. وقرر فريق عمل الجمعية، وفي مقدمهم المصور رمزي حيدر، توزيع الات تصوير على النازحين الاطفال، وتحفيزهم على توثيق يومياتهم في مكان اقامتهم في لبنان. وسرعان ما تبنت منظمة الامم المتحدة للطفولة (اليونيسف) المشروع الذي سيستكمل، في الفترة المقبلة، بتوثيق الصور في كتاب مشترك، وعرض فيلم وثائقي يصور مراحل تنفيذ المشروع، اضافة الى قصص مصورة بألسنة اصحابها من الاطفال النازحين.
وبرغم ان الفكرة ليست جديدة على الجمعية ودار المصور، وهي تعد تكراراً لمشروع لحظة مع اللاجئين الفلسطينيين، لكن للنسخة السورية خصوصيتها، إذ تعكس الى درجة كبيرة، ظروف النازحين وحالة عدم الاستقرار والفوضى التي يعيشونها.
ويربط حيدر الفكرة التي ادت الى ولادة المشروع بنسخته الفلسطينية عام 2007، ولاحقاً السورية عام 2013، بمسيرة عمله الطويلة في بلدان شهدت نزاعات، كما في دارفور والعراق وتركيا والاردن واليمن. ويقول انه من خلال تصويره في مناطق النزاعات، غالباً ما يكون الاطفال هم الأكثر عرضة للأذى: «الاطفال هم ضحايا الحروب، كونهم في مرحلة عمرية صغيرة، حركتهم بطيئة، ومعرفتهم قليلة، ودائماً يجذبون عدسات الكاميرا». ويوضح في السياق ذاته، ان ذكريات الحرب وصورها ترتسم بشكل قاس في مخيلة الاطفال، لأنهم يعيشون فراغاً ولا وظيفة او مهمات يقومون بها.
في لحظته الاولى، وزع حيدر وفريق عمله 500 كاميرا على 500 طفل في 12 مخيماً وتجمعاً فلسطينياً، صوّروا تفاصيل يومياتهم، على مدى عامين. ومع بدء توافد النازحين السوريين، وبحكم تردده، بصفته مصوراً، الى مخيمات ومراكز ايواء النازحين السوريين، لاحظ ان غالبية النازحين هم من الاطفال ايضاً. عندها، قرر اعادة التجربة.
 
 
سلم حيدر 500 طفل تتراوح اعمارهم بين 7 و12 سنة، في 70 نقطة تجمّع، 500 كاميرا، للهدف ذاته: تصوير يومياتهم البسيطة في اماكن اقامتهم. وفي هذا السياق، يقول ان كل من يتردد الى تجمعات النازحين السوريين، لا بد من ان يلاحظ سريعاً تعطش الاطفال الى كل شيء، بدءاً من اللباس والاحذية والطعام، مرورا بالترفيه، وصولاً الى المعرفة.
ويتابع: «بما اننا مجموعة من المصورين والناشطين والفنانين والصحافيين، نهتم بالصورة والتصوير، قررنا اعادة التجربة الاولى، لكن بعيون سورية هذه المرة، لاكتشاف الفارق بين التجربتين وكيفية تعامل الاطفال تقنياً مع الكاميرا، واتاحة الفرصة لهم للتواصل مع اناس جدد، من خارج المخيم».
يجمع المشروع في اهدافه، وفق القيمين عليه، الترفيه الى جانب تعزيز معرفة الاطفال واتاحة فرصة حقيقية لهم للتعبير عن ذواتهم. وقد بدأت المرحلة الاولى منه، كما يشرح حيدر، بالتعرف الى الاطفال النازحين ومدّ جسور تواصل معهم، من خلال جلسة اولى تخللها الطلب اليهم رسم ما يخطر ببالهم لاكتشاف قدراتهم التقنية، ومدى استيعابهم لفكرة الصورة. وكانت لافتة مبادرة غالبيتهم الى رسم بيت: «يرسمون بيوتهم التي يفتقدون اليها والمخزنة في مخيلتهم، وللهروب من المكان الذي يوجدون فيه حالياً». ويعتبر حيدر ان «الاطفال قادرون على ايصال فكرتهم اكثر منا كمصورين، لأننا نصور لهدف او فكرة ما، لكننا عندما نعطيهم الكاميرا نكتشف ما يريدون هم تصويره او تسليط الضوء عليه».
ولا تتطلب الكاميرا التي توزع على الاطفال معرفة تقنية كبيرة، لكن بالتأكيد يسبق عملية توزيعها، توجيههم حول كيفية استخدامها والتعاطي معها. ويلاحظ حيدر ان غالبية العائلات، تجعل الكاميرا، في منأى عن الاطفال، وتمنعهم من التعامل معها، عوض تزويدهم بها من بين قائمة الهدايا واطلاق يدهم في تصوير ما يرغبون به واكتشاف مواهبهم. ويقول: «الهدف من توزيع آلات التصوير على الاطفال النازحين، ان يصوّروا لنا حياتهم داخل المخيم، فالصورة جزء من ذاكرة المكان».
في الوقت ذاته، يبدي اسفه لعدم تمكن الاطفال من ابراز جوانب حياتهم وتفاصيل يومياتهم من خلال الصورة. ويرد ذلك الى حالة عدم الاستقرار التي يعيشونها، بخلاف ما كانت عليه التجربة مع اللاجئين الفلسطينيين. ويوضح في هذا الاطار: «الاطفال الفلسطينيون ولدوا هنا ويعيشون استقراراً. كما ان حياتهم منظمة، ولديهم منازلهم واصدقاؤهم واهتماماتهم. اما السوريون، فحياتهم غير مستقرة، ويقيمون في خيمة في كثير من الاحيان، لا نافذة منها الى الخارج».
ويشير حيدر الى ان «الاطفال النازحين صوّروا حياتهم البسيطة داخل المخيم، وهذه الحياة بسيطة جداً، الى درجة ان لا شيء فيها لتصويرها. هناك خيمة يقيمون فيها، تشبه كل الخيم، لذا اتجه غالبيتهم الى تصوير انفسهم وبعضهم البعض والخيم، من دون أن ينفي ذلك اكتشافنا لبعض المواهب اللافتة».
ومن المشكلات التي واجهها فريق العمل في مشروعه، مشكلة انتقال النازحين من مكان الى اخر، الامر الذي يتطلب، في أحيان كثيرة، الانتقال معهم الى مكانهم الجديد والمتابعة معهم تصويرياً ونفسياً واجتماعياً وحتى اقتصادياً، على حد تعبير حيدر، الذي يوضح «اننا نحاول، على قدر امكاناتنا، مساعدتهم، لحاجتهم الى مساعدة دائمة، على كل المستويات».
وهو يعترف بأن العمل مع اطفال غير مستقرين مهمة شاقة: «لديهم مشكلات وازمات تنتقل الينا، ونشعر بعد 9 اشهر من العمل اننا اختنقنا»، مورداً مثالاً عن طفلة تعاني مرض السرطان في وجهها، تطوع وفريقه لتأمين علاجها. ويقول: «ابلغنا الطبيب ان المرحلة الاولى من علاجها، على مدى عام، تتطلب مبلغ 24 الف دولار، وهو مبلغ خيالي بالنسبة الينا، لكننا بفضل معارفنا واصدقائنا تمكنا من جمع نصف المبلغ تدريجياً، وهي بدأت اليوم الأشهر الستة الاولى من علاجها».
ويستهدف مشروع «لحظة 2» المراهقين السوريين الذين تتراوح اعمارهم بين 12 و13 سنة بشكل خاص. وفي هذا الاطار، يعتبر حيدر ان «التعاطي مع هذه الفئة العمرية امر صعب، فالأطفال الأصغر سناً يصرفون وقتهم في اللهو، وتكاد تنحصر حاجاتهم بالطعام واللباس والمأكل، اما المراهقون فهم يحتاجون اهتماماً خاصاً».
ويضيف: «هناك خطورة على مستقبل المراهقين اذ يعيشون تحولاً في حياتهم، ويبحثون عن ذواتهم، في حين يجدون أنفسهم في خيمة، بلا مدرسة ولا احلام»، لافتاً الى ان «الخوف جدي على مستقبلهم واحلامهم».
«نحن سوبرمان صغير. اتمنى أن يساهم كل من يمكنه العمل مع الاطفال بنشاطات شبيهة لما نقوم به، لأنهم بحاجة الى مساعدة ملحة على جميع المستويات»، يقول رمزي ثم يضيف: «انهم يعيشون فراغاً قاتلاً في حياتهم، ينتج بالدرجة الاولى من تغيير المكان، بعدما فقدوا قراهم ومحيطهم وعائلتهم واصدقاءهم، ليعيشوا في سهل أو في خيمة، من دون وجود اي ضوابط لايقاع حياتهم، كما كان الوضع سابقاً، قبل نزوحهم الى لبنان».
ولا ينتهي مشروع «لحظة 2» عند توزيع آلات التصوير والتقاط الاطفال للصور، بل يمتد الى توثيق هذه الصور من خلال تزويد الاطفال نسخاً عنها من جهة، ونشرها من جهة ثانية، في كتاب مشترك سيوزع مجاناً خلال معرض تنوي جمعية «مهرجان الصورة – ذاكرة»، تنظيمه بالتعاون مع منظمة «اليونيسف» التي تبنت مشروع «لحظة 2». ويتخلل المعرض، الى جانب عرض صور مختارة من المشروع، وفيلم وثائقي عن مراحل المشروع من خلال شهادات 4 اطفال وتوزيع الكتاب التوثيقي، عرض مقاطع فيديو هو عبارة عن 25 قصة يخبرها اطفال ويتحدثون فيها عن احلامهم وآمالهم وتمنياتهم.
في هذا المجال، يوضح حيدر ان فكرة تصوير مقاطع الفيديو انطلقت من العلاقة التي باتت تجمعنا بالأطفال من خلال عملنا على مدى الاشهر الماضية معهم، والهدف توثيق هذه الشهادات للذاكرة.
A+
A-
share
أحدث فيديو
الأكثر مشاهدة هذا الشهر
25 نيسان 2024 بقلم زهراء عياد، صحافية
25 نيسان 2024
بقلم زهراء عياد، صحافية
08 نيسان 2024 بقلم رهف أبو حسّان، صحافية
08 نيسان 2024
بقلم رهف أبو حسّان، صحافية
07 نيسان 2024 بقلم ربى الزهوري، صحافية
07 نيسان 2024
بقلم ربى الزهوري، صحافية
تحميل المزيد