لبنان ينتفض بموقف صديق للبيئة

salam wa kalam website logo
trending شائع
نشر في 13 كانون الأول 19 4 دقائق للقراءة
لبنان ينتفض بموقف صديق للبيئة
© ساندرا عبد الباقي
في محاولة لتصوير لبنان بـ«أنظف» الطرق الممكنة وأكثرها «ملاءمة للبيئة»، نقل المتظاهرون اللبنانيون مبادرات التنظيف إلى مستوى آخر في ما بات يعرف بثورة تشرين اللبنانية. كانت القمامة وزجاجات المياه المهملة المبعثرة كلّ ما يمكن أن نراه في شوارع لبنان في الليلة الأولى من الثورة. ولكن من المذهل أنّه في صباح اليوم التالي، استيقظ المتظاهرون على شوارع نظيفة خالية حتّى من عقب سيجارة واحدة.
خلال الأسابيع الثلاثة الماضية من الثورة، اجتمع مئات بل آلاف المواطنين اللبنانيين القادمين من مختلف الفئات العمريّة والخلفيّات من أجل تنظيف الشوارع كلّ صباح قبل حتّى سماع الهتاف الأوّل.
في حين يبدأ العديد من اللبنانيين يومهم بالتظاهر وإغلاق الطرقات، يبدأ بيتر مرقّدي، مؤسّس جمعية ماراثون بيروت غير الحكومية، نهاره بحمل كيس على ظهره وارتداء قفّارات في يديه. وعند سؤاله عن السبب الذي دفعه إلى المبادرة في التنظيف، يأتي جوابه بسيطاً للغاية: «هدفنا ثورة حضاريّة». ويقول مرقّدي: «لقد شغّلت التلفزيون ليلة الثورة، وبعد أن رأيت الضرر الذي حدث، لم أستطع النوم». وأضاف: «في الصباح التالي، استيقظت ونزلت إلى ساحة الشهداء، وبدأت التنظيف».
لقد انطلقت المبادرة مع حوالى 10 أشخاص فقط في اليوم الثاني من الثورة. ومن 10 أشخاص انتقلت إلى 100 شخص، حتّى بلغت أكثر من 1000 شخص يقومون بتنظيف الشوارع كلّ صباح. ومع توسّع الثورة يوماً بعد يوم، تطوّرت مبادرات التنظيف أيضا لتصبح أكثر تنظيماّ. وامتدّت إلى مجموعة تسمّى «مواطن لبناني». وتصف هذه المجموعة المبادرة ببساطة بأنّها «عمل جماعي للمواطنين اللبنانيين الأفراد، يدفعهم الواجب المدني والمسؤولية الإجتماعية». وكما بدأت عشوائياً وعفوياً في بيروت، انتشرت في مدن لبنانية أخرى واتّسعت بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي.
ففي كلّ يوم يبدأ المتطوّعون بالتنظيف في الصباح، ويتمّ فرز النفايات التي رُفعت لإعادة تدويرها في نهاية اليوم بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية مثل Arcenciel وRecycle Lebanon...
وفي غضون 10 أيام فقط، تم فرز 10٫3 أطنان من القمامة، وإرسال 10% فقط من الشاحنات إلى مطامر النفايات، وتعاون 5000 متطوّع، وتمّ جمع نصف مليون من أعقاب السجائر لتحويلها إلى ألواح تجديف.
أتاحت مبادرات التنظيف، خلال هذه الثورة، الفرصة للمتظاهرين للشعور بأنّهم ناشطون أكثر كمواطنين وعزّزت مشاركتهم المدنيّة في بلدهم. ليس ذلك فحسب، بل زادت الوعي لدى اللبنانيين حول إعادة التدوير والفرز. في الواقع، لقد أصبح واضحاً أنّ مواقف اللبنانيين، بشكل عام، أصبحت أكثر صديقة للبيئة على مرّ السنين وقد ثبت ذلك في ثورة اليوم، وفقًا لمرقّدي.
وأضاف: «لقد أصبح الناس أكثر إدراكاً لأهمية العيش في بيئة نظيفة. وستظلّ هذه المبادرة مستمرّة، وأعتقد أنّنا استطعنا تقديم مثال جيّد للحكومة وعدم انتظارها للقيام بذلك».
ولم يشارك الشباب والكبار في هذه المبادرة فحسب، بل شارك الأطفال أيضاً في عمليات التنظيف.
تعتقد لينا داعوق أويري، أستاذة مساعدة في السلوك التنظيمي في الجامعة الأميركية في بيروت، أنّ إشراك الأطفال والأهل في مثل هذه المبادرات أمر حيويّ أيضاً.
وتقول: «يجب أن نعوّد الأطفال على مثل هذه الأنشطة في سنّ مبكرة. ومن واجبنا تشجيعهم على أن يكونوا جزءًا من الثورة بطريقة إيجابية من خلال إعادة التدوير والأنشطة المدنيّة الأخرى لأنّه في نهاية المطاف، هذه الثورة هي من أجل مستقبلهم».
إنّ تعليم الأطفال العناية بالبيئة هو عملية تعلّم مستمرة يجب أن تبدأ في سنّ مبكرة. وقد دفع هذا الأمر الأستاذة داعوق أويري إلى تشجيع بعض الأهل على اصطحاب أولادهم إلى الشوارع وبدء التنظيف وإعادة التدوير.
بدورها، شدّدت مايا أبو شلبك، وهي أم لفتاتين صغيرتين، على أهميّة إشراك بناتها في مبادرات التنظيف لأنّ ذلك يحثهنّ على الإعتياد على هذه المبادئ في سنّ مبكرة ويتيح لهنّ الفرصة لتطوير مهاراتهنّ في المواطنة والمشاركة المدنيّة. في الواقع، وفقاً للمجلس الوطني العلمي لتنمية الطفل، فإن تطبيق مبادئ المواطنة لدى الأطفال في سنّ مبكرة يعدّ استثماراً في جيل المستقبل لأنّ الأطفال هم الأساس للمجتمع المستدام.
وأضافت الأستاذة داعوق أويري «لا ينبغي أن يخافوا من الثورة. لا بل عليهم ان يتعلّموا كيفيّة إضافة مساهمة إيجابيّة إليها».
وإذا تمّ وصف المواطنين اللبنانيين بأنّهم «مسالمون» و«متحضّرون» إثر هذه الثورة، فقد ثبت أنّهم «أصدقاء للبيئة» أيضًا.
وقالت حنين حيدر احمد، متظاهرة شابة من الذين شاركوا في مبادرات التنظيف منذ اليوم الأول، «أعتقد أنّ هذه الثورة أظهرت، ليس فقط للبنان بل للعالم أيضاً، أنّنا نعرف كيف ننتفض بطريقة حضاريّة للغاية».
A+
A-
share
كانون الأول 2019
أنظر أيضا
13 كانون الأول 2019
13 كانون الأول 2019
13 كانون الأول 2019
13 كانون الأول 2019
أحدث فيديو
الأكثر مشاهدة هذا الشهر
25 نيسان 2024 بقلم زهراء عياد، صحافية
25 نيسان 2024
بقلم زهراء عياد، صحافية
08 نيسان 2024 بقلم رهف أبو حسّان، صحافية
08 نيسان 2024
بقلم رهف أبو حسّان، صحافية
07 نيسان 2024 بقلم ربى الزهوري، صحافية
07 نيسان 2024
بقلم ربى الزهوري، صحافية
تحميل المزيد