تحفيز التغيير التحويلي: قدرة الفن والثقافة على إلهام العمل

salam wa kalam website logo
trending شائع
نشر في 04 تموز 22 بقلم نور البجاني، رئيسة برامج لبنان واليمن المركز الدولي للعدالة الانتقالية 8 دقائق للقراءة
تحفيز التغيير التحويلي: قدرة الفن والثقافة على إلهام العمل
عدرا قنديل
غالبًا ما تَرافَقَت المطالب بالتغيير، خلال السنوات الأخيرة في لبنان، مع رائحة طلاءِ الجدران وصوت الموسيقى. فقد رسمَ الشباب الجداريات وخطّوا الكتاباتِ على الجدران، واجتمعوا معًا للغناء والرقص، واستخدموا الفنّ بجميع أشكاله من أجلِ التّنديدِ بشجاعة بإخفاقاتِ الدّولة الكثيرة - ومنها الفساد والإفلات من العقاب والعجز السياسي – وكذلكَ من أجلِ التعبير عن شواغل الشعب اللبناني والدعوة إلى القيامِ بعملٍ جدّيّ وملموس. وبهذه العمليّة، إنّما استعادَ الشّباب المساحات العامّة الّتي ظلّت فارغة وقتًا طويلًا، وأشركوا وحشدوا أفرادًا من مجتمعاتهم في أنشطةٍ نُظِّمَت على الأرض وعلى الإنترنت، ووصلوا إلى شريحة أوسع من الجمهور لم تشمل الشباب فحسب، بل ضمّت أيضًا أشخاصًا ينتمون إلى طوائفَ مختلفة.

ليس هذا بالأمر الجديد. فَتاريخُ الفنّ الاحتجاجي يعود إلى أجيالٍ قديمة. ويكفي المرء أن يستحضرَ لوحة غيرنيكا لبابلو بيكاسو، أي اللّوحة الّتي تجسّد الفظائع الألمانيّة المرتكبة خلال الحرب الأهليّة الإسبانية، أو الجداريات الّتي رسمها فنّانون مكسيكيون من أمثال ديفيد ألفارو سيكيروس وأن يُمعنَ التّفكير في الرسائل الّتي ابتُكِرَت تلك الجدارياّت من أجلِ نقلِها. غير أنَّ العالمَ الرّقمي اليوم يضعُ في متناول الفنّانين الاحتجاجيّين المزيد من الأدوات الّتي تخوّلهم الوصول إلى شرائحَ جديدة من الجماهير وتسمحُ للشباب بالانضمامِ إلى الحوار. ويعمل هؤلاء الفنانون في جميع أنحاء العالم على إسماع أصوات الشباب والفئات المهمّشة في كلّ المجتمعات، وعلى كسر الحواجز الّتي تعيق المشاركة، وكذلك على تحفيز التغيير في المجتمعات المنتقلة من النّزاعات والأنظمة القمعيّة.

 

منذ سنوات عدّة، يقومُ المركز الدولي للعدالة الانتقالية (ICTJ) ومنظمات أخرى بدعم النّاشطين والفنّانين الشباب، نظرًا إلى أنّهم يسخّرون قوّة الفن والثقافة ووسائل الإعلام الجديدة في تعزيز الحقيقة والعدالة والإصلاح والإنصاف، لا في أماكن إقامتهم وحسب، بل عبرَ الحدود وبالتعاون مع الآخرين أيضًا. ويُقدِّمُ هذا العمل المبتَكر والملهِم دروسًا في شأن كيفية زيادة المشاركة في الأنشطة المدنية ومساعدة المجتمعات على معرفة الحقيقة المتعلّقة بماضي بلادها وعلى التّأثير الفاِعل في صياغةِ السرديّة الوطنيّة.

 

أشكالُ تعبيرٍ بديلة 

 

يُمكنُ لِلفنّانين، وأعمالهم الفنيّة، أن يُساعدُوا في تشكيل مفهوم الناس حولَ الماضي وفي تخيّلهم مستقبلًا أفضلَ، لذا، فهم يؤدّونَ دورًا مهمًّا في الحركات الاجتماعيّة الّتي تبحث عن الحقيقة المتعلّقة بالفظائع المرتكبة في الماضي وتطالب بالتغيير. ونادرًا ما تستطيع الأساليب التقنيّة والمؤسستيّة وحدها أن تعبّر تعبيرًا كاملًا عن معاناة الناس وعن مقاومتهم القمع. فهذه الأساليب لا تلتقي الأشخاصَ في أماكنهِم ولا تلبّي احتياجاتهم العاطفية. أمّا الفنّ والتعبير الفنّي والثقافي فقادِرَان على ذلك. إذ يمكن للموسيقى والشعر والتصوير الفوتوغرافي والفنون المرئيّة والمسرحيّة وغيرها من أشكال التّعبير الثّقافي أن تُوظَّفَ في الدفاع عن حقوق الإنسان وفي بناء السلام. وهي، في الوقت نفسه، تعزّز حريّة التعبير وتساعدنا في طرح التساؤلات في شأن معتقداتنا وافتراضاتنا المرتبطة بالواقع، وتكشفُ آثار النّزاع المسلّح والقمع وتستنكرها. 

 

الهيب هوب، على سبيل المثال - الّذي يضمّ وسائل فنيّة مختلفة، منها تنسيق الأغاني والموسيقى والرقص وموسيقى الراب والكتابة على الجدران - قادر على الوصول إلى جمهور عريض، وقد ساعد في دفعِ الحركات الاجتماعية التاريخيّة قدمًا. ففي العامَيْن 2010 و2011 استخدم مغنّو الرّاب، من أمثال "الجنرال" في تونس وGAB في ليبيا وعمر افندم في سوريا، أصواتهم لاتخاذ موقف مناهض للقمعِ الّذي مارسَته الدولة أثناء احتجاجات الربيع العربي.

 

فَفي الآونة الأخيرة، أُقِيمَ في كولومبيا، مهرجانٌ دولي للهيب هوب، جمعَ فنّانين وموسيقيّين من جميع أنحاء أميركا اللاتينية وأفريقيا جنبًا إلى جنب مع الناشطين وقادة المجتمع وممثلي المجتمع المدني على حدّ سواء. وقد وفّر المركز الدولي للعدالة الانتقالية، باعتباره جزءًا من ذلكَ المهرجان، منصةً لتبادل الخبرات كما وفّرَ فرصًا للفنانين خوّلتهم عرضَ أعمالهم الموسيقيّة وأشكال التعبير الأخرى عن ثقافة الهيب هوب. وقد عزفَ الفنّانون الموسيقى وأدُّوا الرّقصات، وعرضوا أعمالاً فنية، وناقشوا السّبلَ الّتي تُساهم ثقافة الهيب هوب عبرها في مواجهة الظلم ومقاومته.

 

تعبئة الناس وتحدّي السلطة والمطالبة بالتغيير

 

في الأوقات التي تشهد اضطرابات اجتماعيّة وسياسيّة، يمكن للفنّ أن يكون أداة قوية لتعبئة الناس وتحدّي السلطة والمطالبة بالتغيير. ويلتزمُ فنّانون كثيرونَ، في سياقاتٍ مختلفة، التزامًا شديدًا بإنتاج أعمالٍ تعالج المشاكل الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة الملحّة، وتنهض بالأشخاص الّذين يعانون أكثرَ من سواهم.

 

ويواجه الناشطونَ مخاطرَ جسيمة، لا سيما في البلدان حيثُ حرية التعبير مُهدّدة، وأصوات المعارضة خاضعة لمراقبة الدّولة وقمعها. لذا، لا بدّ من إيجاد طرقٍ من شأنها أن تُمكِّنَ النّاشطينَ من القيامِ بأنشطتهم عن بعدٍ وبأمان. وفي هذا الإطار، أعطَت مسابقة "المتيقظون" الفنيّة الأخيرة للفنانين في لبنان وتونس مساحةً آمنة خوّلتهم إنتاج أعمالٍ فنيّة مؤثِّرَة وملهمة للتغيير كما خوّلتهم التأمّل فيها. وقد سلّطت المسابقة الضوء على أعمال الفنّانين التي توثّق وتخلّد قصص مجتمعاتهم عن أوقاتِ الاضطرابِ والمقاومة والتغيير. فَقدّم أكثر من 220 فنّانًا أعمالًا جاءَت بوسائطَ مُختلفة، منها الموسيقى والرسم والنحت وأفلام الفيديو والتصوير الفوتوغرافي، على سبيل الذّكر لا الحصر. وتعكسُ الأعمال الفنيّة المواهب الفذّة التي يمتلكها الجيل الجديد من الفنانين وصنّاع التغيير الواعدين في المنطقة. وأتيحت لفنانينَ من تونس ولبنان وليبيا وسوريا فرصةُ تبادل تجاربهم وعرض أعمالهم الفنية في تونس، وذلكَ في إطارِ منتدى مفتوح وشامل، حيث ناقشوا الدّور البالغ الأهميّة الّذي يضطلع فيه الفنّ في المجتمع، لا سيما لِناحيةِ إشراك المواطنين في النشاطَيْن الاجتماعي والسياسي على حدّ سواء. وقال الفائز بالمركز الأوّل في المسابقة إنّه "من المفرح أن نرى أنَّ الأجيال الشابّة تُمنح الفرصة لإسماع أصواتها إلى جمهور أوسع". وكان الفائز قد استوحَى فيلم الرّسوم المتحرّكة القصير الّذي قدّمه تحتَ اسم "أمل" من ظروفِ الحياة الواقعيّة الّتي يواجهها العديد من النّازحين الشّباب اليومَ.

 

تحسين الوعي حولَ العدالة والإصلاح

 

في المجتمعات التي تشهد عمليّة عدالة انتقاليّة، غالبًا ما تُطلقُ على الآليات مصطلحاتٌ قانونيّة وسياسيّة قد يجدها أناس كثيرون مخيفة أو منفّرة. لذا، يُمكن للعروض الموسيقيّة والثقافية أن تُساهمَ في توضيحِ معنَى العمليّة وفي إكسابها طابعًا شخصيًّا أكثر وفي تَيْسِير الوصول إليها وتَبسيط فهمها. وتُشكّلُ الموسيقى، بوجهٍ خاص، سبيلًا لتحسين الوعي حولَ عملية العدالة الانتقاليّة والمساعدة في وضعِ عملية وطنية واسعة النطاق يتولّاها المواطنون.

 

في غامبيا، استخدمت جماعة "أمّتنا صوتنا" المناهضة للعنف، التعبيرَ الإبداعي لأعضائِها الفنّانين والموسيقيّين الشّباب، في تعزيز عمليّة العدالة الانتقالية في البلاد. فألّفوا وعزفوا مقاطعَ موسيقيّة تتعلق بمسائل العدالة الانتقالية، وأعادوا استخدام الشّعار العالمي "لن تُعاد الكرّة!"، وقاموا بتعبئة الشباب للمشاركةِ في عمليّة العدالة الانتقالية. وأجرى الفنّانون حوارات مجتمعية في شأن الحقيقة والعدالة والإصلاح في بعضٍ من مناطق غامبيا الأكثر نَسْيًا ومع مواطنيها الأكثر تهميشًا، بمَن فيهم الأطفال والشباب وكبار السن والناجيات من العنفَيْن الجنسي والجنسانِي. وقد علّقَ أحد الشباب على هذا الأمرِ قائلًا، إنّهُ "تعليمٌ من خلال الترفيه".

 

إسماعُ قصصٍ غير مرويّة عن العنف

 

يمكن للفنّ أن يساعد في سد الفجوات بين الأجيال، وفتحِ حوارٍ أكثر شمولًا يتيح مشاركة الشباب وأفراد الفئات المهمّشة وإسماع أصواتهم على حدّ سواء. ونظرًا إلى أنّ الفنّ غالبًا ما يتّخذ طابعًا شخصيًّا أكثرَ ويكونُ منالُهُ أيسرَ، فهو قادرٌ على أن يساعد الناس على التعرّف إلى تجارب الآخرين والتعاطف معهم. ويمكن أن تقومَ الأعمال الفنية مقامَ شهادةٍ حيّة وملموسةٍ على الاستبعاد والقمع اللّذين يعانيهما النّاس في المجتمعات كلّها، كما يمكنها أن تنشرَ فهمًا أعمقَ لإنسانيتنا المشتركة.

 

في تونس، كانَ من شأنِ معرض "أصوات الذاكرة" التفاعلي الّذي استُوحيَ من مجموعة تضمّ تسعَ تونسيات مِن مختلف المناطق والفئات العمريّة، أن ساهمَ في إسماع العديد من القصص غير المرويّة عن تونسيات عانينَ آثار القمع في عهد زين العابدين بن علي. وكانت "الكوفة" موضوع المعرض الأساسيّ، وهي سلّة تقليديّة تونسيّة تستخدمها الأسر لجلبِ الطعام لأحبائها المعتقلين ظلمًا، ومنهم، على سبيلِ المثال، السجناء السياسيّون. وتشكّل هذه السلّة الآن رمزًا للحبّ والتّحدي والمقاومة والتّضامن، وتمثّل احتجاجًا على الفصل القسري. وقد تنقّل المعرض في جميع أنحاء البلاد بهدف إشراك المواطنين في حوارٍ حولَ الطابع العالمي لتجارب المرأة وحولَ بناء الجسور بين الأجيال وبين المجتمعات المهمشة على حدّ سواء.

 

تثقيف الشباب والحفاظ على الذاكرة

 

يمكن اتّخاذ الفنّ أداةً تؤول إلى ربط الشباب بماضٍ لم يعيشوه، ومساعدتهم على فهم وجهات نظر مختلفة، وتشجيع النقاش في شأن الأسباب الجذرية الكامنة وراء حالات الظلم الماضية والحاليّة، وذلكَ بغيةَ بناء سلام دائم ومنع تكرار العنف.

 

في لبنان، ما مِن منهاجٍ وطنيّ شامل يغطّي الحرب الأهليّة التي دامَت 15 عامًا (1975 – 1990)، وهو ما يؤدّي إلى تنشئةِ شبابٍ لديهم معرفة ضئيلة بماضي بلدهم. لذا، لا بدّ من العمل على إيجادِ أشكالٍ بديلة للتعليم وطرقٍ جديدة لتدريسِ الشّبابِ ما حدث، وذلكَ خارجَ إطار نظام التعليم الرسمي.

 

وبغيةَ المساعدة على معالجة هذه المشكلة، نظّم المركز الدولي للعدالة الانتقالية في العام 2015 مسابقة للتصوير الفوتوغرافي حملَت عنوان "الحرب كما أراها"، وأتاحت للشباب فرصةَ التّعبير عن فهمهم للحرب الأهليّة اللبنانيّة من خلال التصوير الفوتوغرافي. ومن بين العديد من الأعمال المُشارِكة المُؤثّرة، برزت صورة قدمتها شابة عن كتاب من منزل جدتها اخترقته رصاصة واحدة خلال الحرب الأهلية. وتعكس هذه الصورة الجروح الدائمة وآلام الحرب ورغبة الجدّة في التّمسّك، فعلًا، لا قولًا، بالكتاب كي "لا ننسَى". أمّا المعرض الّذي ضمّ الصّورَ الفائزة فقد جالَ أرجاءَ البلاد، وفتحَ نقاشاتٍ بين أكثر من 600 شابٍ وشابة ينتمون إلى خلفيات سياسية ودينية مختلفة حولَ الحرب والعنف السياسي وحولَ ما يمكنهم فعله لتعزيز الحوار وبناء السلام.

 

كسر جدار الصمت

 

يُمكن لِسرد القصص والتاريخ الشّفهي أن يُعزّزَا الحوار بين الأجيال ويربطَا الماضي بِالحاضر. فقد كان من شأنِ مشروع التاريخ الشفهي الّذي حملَ عنوان "بدنا نعرف" ودعمه المركز الدولي للعدالة الانتقالية في لبنان، أن ساعدَ في إشراك الشباب في المجتمع من أجلِ كسر جدار الصمت في شأن ماضي البلاد العنيف وفتح قنوات الحوار. وتلقّى الطّلاب التّدريب على تقنيات التاريخ الشفهي، ثم جمعوا شهاداتٍ أدلى بها أهلهم وأجدادهم وآخرون وتتعلّقُ بالحرب الأهلية، وهو الأمر الّذي ساعدهم على فهم تجارب الناس من مختلف الفئات في المجتمع اللبناني. فقد دُعِيَ الشّباب إلى الاستماع، وأتيحت لكبار السن فرصةٌ خوّلتهم أن يسردوا قصصًا عن معاناتهم وعن بقائهم على قيد الحياة خلال الحرب في لبنان من جهة وأن يلقوا آذانًا صاغية من جهةٍ أخرى. وبذلك، ساهم المشروع في إحياء الذكرى وفي التّثقيف على حدّ سواء. هذا وقد نُشِرَ بعض تلكَ القصص ضمنَ فيلم وثائقي يركّز على ظروف الحياة اليوميّة القاسية خلال الحرب، وهو الآن يُعدُّ أداةً تثقيفيّة وتوعوية للشباب في شأن آثار العنف السياسي السّلبيّة.

 

من شأنِ فتح المساحات أمامَ الشباب للمشاركة المُجدية في عمليّات العدالة الانتقالية والتعبير عن وجهات نظرهم المختلفة، أن يشكّل تحديًّا للوضع القائم وأن يسلّط الضوء على المسائل التي يجب معالجتها في سبيلِ بناء سلام مستدام. وفي هذا السياق، قد تكون الفنون والثقافة وسيلةً تُمكِّنُ مشاركة الشباب، فهي توفّر مكانًا آمنًا للإبداع والتشافي، والتلاقي من أجل مناقشة المسائل العصيبة ومن أجلِ التفكير مليًّا فيها. إنّ الفنون والثّقافة تُتّخذُ وسيلةً في التواصل وفي إشراك الناس من مجتمعات متنوعة، وفي تشجيعهم على العمل على نحو تعاونيّ في سبيل تعزيز التغيير وإحقاق العدالة لصالحِ الجميع.

 

A+
A-
share
أنظر أيضا
17 حزيران 2024 بقلم جنى بيضون، طالبة في الجامعة الامريكية في بيروت
17 حزيران 2024
بقلم جنى بيضون، طالبة في الجامعة الامريكية في بيروت
17 حزيران 2024 بقلم ايليو مبيض، صحافي
17 حزيران 2024
بقلم ايليو مبيض، صحافي
02 حزيران 2024 بقلم عبير مرزوق، صحافية
02 حزيران 2024
بقلم عبير مرزوق، صحافية
أحدث فيديو
الأكثر مشاهدة هذا الشهر
07 كانون الأول 2024 بقلم نايا فجلون، صحافية
07 كانون الأول 2024
بقلم نايا فجلون، صحافية
تحميل المزيد