الأم... صانعة السلام

salam wa kalam website logo
trending شائع
نشر في 01 آب 19 3 دقائق للقراءة
الأم... صانعة السلام
لا شك أن صناعة السلام في العالم تشكل تحدياً إنسانياً مستداماً للبشرية، وهي غاية تتوق إليها القلوب والأرواح والعقول. إلاّ أن هذه الغاية، وعلى الرغم من الجهود المبذولة على مر الزمن، لا تزال حلماً بعيد المنال، ولا يزال العالم مسرحاً للحروب التي تقضي على حياة البشر واحلامهم، وعلى فرصهم بحياة كريمة ومزدهرة.

إن غياب مفاهيم العدالة الحقيقية والسعي الدائم والمستمر لإحراز التفوّق من خلال الإستخدام الظالم للقوّة والإستعلاء وتجاوز حقوق الآخرين، هو احد أبرز أسباب غياب السلام في العالم. إن هذا العامل يجعل الإنسانية أسيرة داخل دائرة مفرغة من فعل الظلم والاعتداء وردود الأفعال الطبيعية المقاومة له.
فهل هذا هو العالم الذي نرغب في تركه للأجيال المقبلة؟. وهل نكتفي بالوقوف مكتوفي الايدي نشاهد تأجج الحروب والصراعات، أم أنه علينا الانخراط في غرس بذور السلام والأمن والرخاء؟.
إن منطق العدالة يقتضي العمل معاً لجعل الانسان محور الحياة، والشرط الجوهري لهذا الأمر هو صناعة السلام التي تعتبر مهمة مجتمعية عالمية يجب أن ينخرط فيها الرجال والنساء معاً، إلاّ أن المرأة تتسم بخصوصية أكبر في هذا المجال ولا سيما من خلال وظيفتها كأم.
الأم هي محور الأسرة ومدارها، وهي صاحبة الفعالية الكبرى وقدرتها على زرع القيم في بناتها وابنائها، لا تضاهيها قدرة. والعملية التربوية التي تديرها الأمهات تشكل سلوك الانسان وتحدد طبائعه.
صحيح أن المهمة ليست سهلة لأن زرع أفكار السلام وقيمه في نفوس الأجيال الجديدة يعني تهديداً لمنظومة مصالح شريرة تعتاش على الحروب وكوارثها، إلاّ أنها ليست مستحيلة. فالأمهات قادرات على فتح مسارات تربوية كبرى تساهم في إرساء السلام العادل والأمن المتماسك في العالم.


لست من هواة التبسيط. أعرف أن المسألة شائكة وحساسة وفي كثير من الاحيان معقدة ومركّبة. فنحن دعاة سلام وتوّاقون إليه. نريد جيلاً يجنح نحو السلام في تعامله وادائه وسلوكه وفي الوقت نفسه نجد انفسنا أمام الحاجة إلى جيل يمتلك استعدادات لمقاومة كل اشكال الظلم والعدوان، والدفاع عن قيمة الحياة الكريمة الحرّة.
إن هذا التوازن المطلوب هو ما يجب أن تعمل عليه الأمهات اللواتي يصنعن رجالاً ونساء سيتولّون في المستقبل مواقع اجتماعية وسياسية واقتصادية وأمنية وعسكرية، وسيتخذون القرار إما بصناعة السلام أو باستمرار طاحونة الموت والكارثة والخسائر اللامتناهية.
إن المدخل إلى السلام العالمي يمر من خلال دور الأمهات. ومستقبل العالم يرتهن لما تزرعه الأمهات من قيم في عقول أولادهن ونفوسهم.
وهذا يحتّم علينا احترام حقوق المرأة وتمكينها ثقافي ً وتربويا ً واقتصاديا ً وسياسيا ً ، وتعزيز حضورها في مواقع القرار على مختلف المستويات، إضافة إلى مراعاة حاجاتها العاطفية والنفسية لتكون مؤهلة ومستعدة ومحصّنة، إجتماعياً وتشريعياً، من أجل أداء هذا الدور المحوري والمصيري.
إن شعور المرأة بالسلام والأمان الداخلي، يسمح لها بأن تنقل هذه المشاعر نحو ابنائها، معززة سلوكهم الايجابي. وبحصولها على المعرفة والثقافة الرصينة والعميقة، تبدع الأم في تنوير بناتها وأبنائها وتركيز التوازن الفكري لديهم، بما يسمح لهم بتحقيق شخصية تكاملية تؤدي دورهم الحياتي في ثلاثة أبعاد:
البعد الاول: إيجاد جيل قادر على التمييز بين الحق والباطل وبين الشرّ والخير، وبالتالي السعي الدائم إلى الميل نحو الحق والخير.
البعد الثاني: إحترام الانسان والتفاعل الايجابي مع المحيط بما يؤمن الاندماج والاحترام مع الاخر على اختلاف عقائده ومبادئه.


البعد الثالث: بناء الثقة بالذات واحترام الخصوصيات الفكرية والثقافية، والاعلاء من قيم العدالة والحرية والدفاع عنها بما يكفل عدم اختلال التوازن او امتهان الانسان.
إن إنساناً بهذه المبادىء والقيم، كفيل بصناعة السلام والأمان وفضّ النزاعات بما يحقق العدالة واحقاق الحق وإلزام المجتمع بتطبيق القوانين واحترامها، وجعلها مرجعية للاحتكام وعلاجاً للمخالفات والمشكلات المختلفة عند حصولها.
هذه واحدة من مهمات الأمهات. إرساء مشروع يحفظ حياة الكثيرين ممن سيأتون بعدنا وصياغة الطريقة التي سيحكمون العالم بها، بما يضمن بناء السلام والتنمية وتحقيق حياة افضل.
A+
A-
share
أحدث فيديو
قاتَلت في الحرب وبَنَت للسلام - تقرير رهف أبو حسّان
SalamWaKalam
قاتَلت في الحرب وبَنَت للسلام - تقرير رهف أبو حسّان
SalamWaKalam

قاتَلت في الحرب وبَنَت للسلام - تقرير رهف أبو حسّان

نيسان 08, 2024 بقلم رهف أبو حسّان، صحافية
الأكثر مشاهدة هذا الشهر
08 نيسان 2024 بقلم رهف أبو حسّان، صحافية
08 نيسان 2024
بقلم رهف أبو حسّان، صحافية
07 نيسان 2024 بقلم ربى الزهوري، صحافية
07 نيسان 2024
بقلم ربى الزهوري، صحافية
06 نيسان 2024 بقلم أريج كوكاش، صحافي
06 نيسان 2024
بقلم أريج كوكاش، صحافي
تحميل المزيد