اللاجئون السوريون في لبنان كيف تنعكس الأوضاع السياسية الأمنية على واقعهم الإنساني؟

salam wa kalam website logo
trending شائع
نشر في 01 شباط 15 4 دقائق للقراءة
اللاجئون السوريون في لبنان كيف تنعكس الأوضاع السياسية الأمنية على واقعهم الإنساني؟
© أنور عمرو
منذ اللحظة الأولى لبدء الأزمة السورية وبدء وصول اللاجئين السوريين إلى لبنان، بدأت القوى السياسية والحزبية اللبنانية تتعاطى مع هذا الملف الانساني والاجتماعي من منظور سياسي وحزبي وليس من منظور قانوني وإنساني واجتماعي صرف، وكان هذا التعاطي يتغير وفق تغيّر الحسابات السياسية، أو بسبب الأوضاع الأمنية اللبنانية الداخلية. وكي لا تكون هذه النتيجة أو الخلاصة مجرد استنتاج عام، سأحاول تقديم بعض المعطيات من خلال التطورات التي حصلت خلال السنوات الأربع الماضية من عمر الأزمة السورية.

في المرحلة الأولى للأزمة، وكان الرئيس نجيب ميقاتي يتولى رئاسة الحكومة التي تضم قوى 8 آذار وعدداً من القوى الوسطية (الحزب التقدمي الإشتراكي، فريق الرئيس ميشال سليمان)، أعلنت هذه الحكومة اعتماد سياسة النأي بالنفس، وعدم وضع أية عراقيل أمام دخول اللاجئن السوريين، في حين كانت قوى 14 آذار والقوى الإسلامية المتعاطفة مع الثورة السورية، تعلن ترحيبها بهم، وتقدّم لهم كل الدعم والإمكانات والتسهيلات. ورغم أن بعض قوى 8 آذار، وخصوصاً «التيار العوني»، كانت تطالب بوضع سياسة محدّدة لكيفية التعاطي مع اللاجئن السوريين فإن حكومة الرئيس ميقاتي كانت حريصة على عدم القيام بأية خطوة تنطيمية خوفاً من ردود الفعل في الساحة الإسلامية المتعاطفة معهم. وفي وقت لاحق، وعندما بدأت أعداد اللاجئين تزداد، راحت بعض الأوساط السياسية والإعلامية، وخصوصاً القريبة من «التيار العوني»، تدعو إلى عدم تسميتهم باللاجئين أو النازحين لأن لهذه التسميات أبعاداً قانونية وتبعات عملية. اما عال الصعيد العملي فقد بقيت عمليات دخول السوريين مفتوحة من دون أي تنظيم أو عقبات قانونية أو عملية. لكن، بعد استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وتشكيل حكومة الرئيس تمام سلام، وتولي شخصيات من «تيار المستقبل» أو قريبة منه وزارات الداخلية والعدلية والشؤون الاجتماعية، وفي ظل ازدياد عدد اللاجئين السوريين في لبنان، وانعكاس وجودهم عن الواقع الاجتماعي والاقتصادي، بعد كل ذلك بدأ وزراء «تيار المستقبل» يتبنون الدعوة الى ضبط وضعهم وطريقة دخولهم إلى لبنان، وصولاً إلى الموافقة على وقف دخولهم إلاّ في ظروف خاصة. وكانت النقمة عليهم تتعاظم عند حدوث تطورات سياسية أو أمنية، ونذكر مثالآ عن ذلك: عند حصول الانتخابات الرئاسية في سوريا ومشاركة عشرات الآلاف من هؤلاء اللاجئن فيها، وخصوصاً عبر الذهاب إلى سفارة سوريا في لبنان، وبروز هذا المدّ البشري عن الطريق المؤدية إلى منطقة «الحازمية» شرق بيروت، ارتفعت أصوات قوى 14 آذار و«تيار المستقبل» وبعض القوى الإسلامية المؤيدة للثورة السورية، بالتنديد بهؤلاء اللاجئن، ودعوتهم للعودة إلى بلادهم، وتمّ اتخاذ قرار في الحكومة بسحب بطاقة اللأجىء من كل سوري يذهب إلى بلاده، وفي المقابل كانت قوى 8 آذار تحتفل بهم، وتشيد بمواقفهم ودورهم ودعمهم للرئيس بشار الأسد. من جانب آخر، وعند حصول أحداث أمنية سواء ما جرى في بلدة «عرسال» أم في بعض المناطق كحصول جريمة قتل من قبل شخص يحمل الجنسية السورية، كان اللاجئون السوريون يدفعون ثمن هذه الأحداث عبر التضييق عليهم أو تعرضهم للاعتداءات المباشرة، أو طردهم من القرى والبلدات، وعند حصول التفجيرات الأمنية في بعض المناطق وخصوصاً في الضاحية الجنوبية، كانوا أول من يدفع الثمن، وقد عمدت بعض البلديات إلى اتخان إجراءات أمنية وإدارية في حقهم تشمل كيفية تنقلهم وسكنهم، وإجراء إحصاءات عنهم. وإذا أردنا أن ننظر إلى مسألة التقديمات الاجتماعية والمساعدات لللاجئين من قبل بعض الجهات السياسية أو الحزبية أو الجمعيات الانسانية المرتبطة بقوى سياسية، فإننا نلاحط بشكل عام أن معظم هذه التقديمات مرتبطة بواقعهم السياسي والحزبي، وموقفهم من النظام السوري أو المعارضة السورية، فيتم تقديم االمساعدات لهم من منظور سياسي أو حزبي وليس من منظور إنساني. وحتى الآن، ورغم مرور أربع سنوات عن الأزمة السورية، وفي ظل وجود هذا العدد الكبير من اللاجئن السوريين، لا نلاحط وجود رؤية موحدة لدى القوى السياسية والحزبية تجاه هذه القضية، ولا توجد إحصاءات دقيقة حول واقع هؤلاء اللاجئن، وانعكاسات وجودهم عن الوضع اللبناني اقتصادياً أو اجتماعياً أو أمنياً، بل إن كل فريق ينظر إلى هذا الملف من وجهة نظر سياسية أو حزبية أو أمنية، وكلّ ذلك ينعكس سلباً عليهم وعلى قضيتهم الإنسانية. ومع تزايد خطورة هذا الواقع في لبنان والمنطقة، لا نجد لقضية اللاجئن أي حضور حقيقي في البرامج السياسية المستقبلية سواء لدى النظام السوري أم لدى قوى المعارنمة وكأن هؤلاء اللاجئن مجرد أرقام وملفات تستغل لأسباب سياسية، أو لتحقيق مكاسب آنية أو مالية من قبل القوى السياسية والحربية، وتلك مشكلة خطيرة ينبغي التوقف عندها من قبل الجميع.

A+
A-
share
أحدث فيديو
الأكثر مشاهدة هذا الشهر
25 نيسان 2024 بقلم زهراء عياد، صحافية
25 نيسان 2024
بقلم زهراء عياد، صحافية
08 نيسان 2024 بقلم رهف أبو حسّان، صحافية
08 نيسان 2024
بقلم رهف أبو حسّان، صحافية
07 نيسان 2024 بقلم ربى الزهوري، صحافية
07 نيسان 2024
بقلم ربى الزهوري، صحافية
تحميل المزيد