أدوات بسيطة تمكّن أي شخص من كشف المعلومات الملفّقة

salam wa kalam website logo
trending شائع
نشر في 16 أيلول 20 بقلم محمود غريل، صحافي ومدرّب في التحقق من الأخبار 6 دقائق للقراءة
أدوات بسيطة تمكّن أي شخص من كشف المعلومات الملفّقة
شكّل فيروس كوفيد 19 والإنفجار في مرفأ بيروت إختبارين جديدين لمدى استجابة الناس، كما وسائل الإعلام، لانتشار الأخبار الملفّقة. وللأسف، كشفت الحادثتان هشاشة البعض في رفض المعلومات المضلّلة إلى جانب المقدرة على ابتكار الإشاعات التي استُغلت للمآرب السياسيّة و/أو الشخصيّة.

وبعكس الإعتقاد السائد أن الصحافي المتخصّص هو الوحيد القادر على وضع حدّ لانتشار المعلومات الملفقة، إلاّ أن التطوّر التكنولوجي سمح للجميع بالوصول إلى أدوات مجانية مفتوحة الإستخدام، يمكن عبرها التأكد من ما يدور في فلك "وباء المعلومات" - Infodemic.

شكّل فيروس كوفيد 19 والإنفجار في مرفأ بيروت إختبارين جديدين لمدى استجابة الناس، كما وسائل الإعلام، لانتشار الأخبار الملفّقة. وللأسف، كشفت الحادثتان هشاشة البعض في رفض المعلومات المضلّلة إلى جانب المقدرة على ابتكار الإشاعات التي استُغلت للمآرب السياسيّة و/أو الشخصيّة.

وبعكس الإعتقاد السائد أن الصحافي المتخصّص هو الوحيد القادر على وضع حدّ لانتشار المعلومات الملفقة، إلاّ أن التطوّر التكنولوجي سمح للجميع بالوصول إلى أدوات مجانية مفتوحة الإستخدام، يمكن عبرها التأكد من ما يدور في فلك "وباء المعلومات" - Infodemic.

خلال الأشهر الأولى من العام 2020، كان لافتاً تناقل مجموعة واسعة من المواقع الإلكترونيّة الإخباريّة في لبنان، أخباراً من دون الإشارة إلى أي مصدر أو حتى التدقيق بالمعلومات التي استخدم أغلبها في إطار الإتهامات السياسيّة/الدينيّة؛ من بينها مزاعم عن نقل الفيروس عمداً من دول مجاورة، أو إدعاءات بالعثور على مستوعبات فيروسيّة داخل بعض السفارات، أو حتى إنتقال الفيروس عبر الطرود الآتية من الصين.

والأمر سيّان مع انتشار الهلع إبّان إنتشار صورة "سكرين شوت" مركّبة، قيل إن مصدرها مستشفى الجامعة الأميركيّة في بيروت، للتحذير بـ"ضرورة البقاء في المنزل لكون انفجار المرفأ أطلق غازات نيتريك أسيد سامة"، الأمر الذي نفاه المركز الطبي ونشر توضيحات عدة بعدم إصداره أي بيان بهذا الشأن.

من جهة أخرى، كانت النظرة الدونيّة التي تشكّلت لدى مجموعات بارزة، بسبب عدم درايتهم للفيروس وطرق انتشاره، والتي استهدفت بشكل خاص ذوي الملامح الآسيوية "الكورونوفوبيا"، والتي تكشّفت أضرارها مع خروج الطالب الصيني الزائر وانغ يو، الذي يشير إلى نفسه بإسم "أمير وانغ"، عن صمته.

فقد شكا عبر فيديو من عنصرية بعض الذين توجّهوا إليه بعبارات مؤذية، ما تسبّب له بخوف من احتمال حصول ردود فعل عنيفة، الأمر الذي وصل به إلى الإمتناع عن الخروج من سكنه، قبل أن يُحتضن مجدداً، بعد انتشار رسالته، وسط تأكيده أن المشاعر السلبية سببها الأول التضخيم الإعلامي المرافق لانتشار المعلومات المغلوطة عن كوفيد-19.

وتكرر الأمر مجدداً بعيد الانفجار الكبير الذي وقع في العاصمة بيروت مساء 4 آب (أغسطس)، مع انتشار المزاعم المرافقة لمقاطع فيديو مختلفة غير صحيحة أو ملفقة، بأن المرفأ تمّ استهدافه بصاروخ من الجو، بحيث أفضت عمليات الفحص أن جميعها تنقل مشاهدات غير متطابقة للصاروخ المزعوم، وأن معظم ما شوهد كان فعلاً مجموعة من الطيور، وأن الهدف من نشرها كان - على ما يبدو - لاستجداء التفاعل والشهرة السريعة من "لايك" و"شير".

وعليه يمكن لأي شخص أن يواجه انتشار المعلومات المغلوطة، في خطوات ليست حكراً على المتخصّصين أو التقنيين، ومنها:

*التفكير بشكل منطقي وواع

يعمد المستخدمون إلى إعادة نشر المحتوى الذي يرون أنه يفيد الآخرين، ولكن في أغلب الأحيان تتمّ إعادة مشاركة هذه المعلومات من دون التدقيق في محتوى هذه الرسائل، وإن كان حقاً ما يقرأونه منطقياً.

 

ومن بين تلك الرسائل، عندما يتم انتحال صفة شركة أو مؤسسة ويطلب من المستخدمين الدخول إلى روابط للحصول على باقات مجانية من الإنترنت أو مساعدات مالية تحت مزاعم أنها "هدية إلى الطاقم الطبي" أو أنها نتيجة "للأوضاع الحالية الصعبة". وهذا ما كانت تنفيه دائماً كل من شركتي "ألفا" و"تاتش" وسط تأكيد بأنهما لن يخاطبا المستخدمين "إلاّ من خلال قنواتهما الرسمية"، كذلك جهاز قوى الأمن الداخلي الذي حذّر مراراً من روابط إلكترونية مشبوهة قد يكون هدفها "الوصول إلى البيانات الشخصية... لاستخدامها لاحقاً في أعمال إحتيالية".

وفي إطار متصل، يجب دائماً الأخذ بالحسبان أن هناك دائماً تقنيات ووسائل تلفيق قد لا يكون المرء على اطلاع كاف عليها، تساهم بشكل أو بآخر في انتاج المواد الملفقة.

ويشار هنا إلى أحد الفيديوهات التي قيل إنها بتقنية "التصوير الحراري" ويظهر فيها صاروخ يقترب من مرفأ بيروت قبل أن يحدث الإنفجار الكبير، ليتبيّن لاحقاً أن لا علاقة لأيّ تصوير حراري بل مجرّد استخدام تقنية "عكس اللون" - inverted colors  الموجودة حتى في هواتف محمولة،  والتي أضيفت إليها صورة لصاروخ يقترب من الأرض لاحقاً. وقد اتضح أن الفيديو الأصلي، بالألوان الحقيقيّة، كان التقطه أحد العالمين لدى شبكة "سي أن أن"، وليس هناك من أثر للصاروخ المزعوم.

*التحقق من المصادر

يتلقى مستخدمون بين الحين والآخر نصوصاً "جذّابة" مرفقة عادة بروابط لمواقع إلكترونيّة، لإيهام القارئ بأن المراجع صحيحة. إلاّ أن نظرة سريعة على تلك الروابط قد تكشف أن المعلومات غير مطابقة، لا بل أحياناً تعود إلى جهات غير رسميّة ومشكوك بمهنيتها.

 

ويتيح متصفّح "غوغل كروم"، على الهاتف أو الكومبيوتر، ترجمة أي نص يظهر على الشاشة، ما يساعد في التأكد من المعلومات المكتوبة بلغة غير العربية.

كما يمكن دوماً نسخ كلمات المفتاح الأساسيّة لأيّ معلومة ولصقها داخل موقع google.com لإجراء بحث يكشف المصدر الفعلي للخبر إن وجد وحتى تاريخ ظهور المعلومة لأول مرة على الانترنت، وهذا ما تكرر مع بعض تصريحات ملفقة، منسوبة زوراً، إلى وزير الصحة حمد حسن في شأن إغلاق مدن وأقضية مع تفشي كوفيد -19  فيها.

ومن بين الأخبار الملفّقة التي انتشرت بسبب تصديق كل ما ينشر عبر الواتساب،  أن صحيفة "النهار" نقلت في 29 كانون الثاني (يناير)  الماضي، عن وكالة "رويترز"، خبراً عن "تكتمٍ شديد يحوط خبر وفاة متظاهر في كبرى مستشفيات بيروت بفيروس كورونا"، ليتبيّن لاحقاً أن ما كان يتمّ تناقله هو جزء من تقرير موسّع نشرته الصحيفة على موقعها الإلكتروني، تشير فيه إلى أن خبر رويترز نفسه ملفق.

أما في حال وجود صور فوتوغرافية يراد التأكد منها، فيمكن على سبيل المثال الإستعانة بتطبيقي "Reverse Image Search" الهاتفيين على أندرويد أو آبل، واللذين يتيحان إجراء بحث عكسي عن الصور، عبر أشهر محركات البحث Google و Bing و Yandex.

هذه التقنية تمّ استخدامها لدى التأكد من إحدى الصور التي انتشرت إبّان الإنفجار في مرفأ بيروت، وسط مزاعم أن "إعلام الاحتلال (الإسرائيلي) ينشر صورة جويّة لمكان الإنفجار"، ولكن ظهر لاحقاً أن الصورة تعود لإنفجار سبق أن وقع عام 2015 في مدينة تيانجين شمال شرق الصين.

 

طبعاً لا يمكن إغفال مشاكل إنتشار مقاطع الفيديو، والتي لا علاقة لها بلبنان أو أنها قديمة، ولكن يعاد تداولها مجدداً بمحتوى مختلف. على سبيل المثال، عندما انتشر مقطع في نهاية شباط (فبراير) الفائت، مع بداية انتشار كوفيد-19 في لبنان، بعنوان "أنظروا من كان في إيران!"، يظهر فيه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ليتبيّن لاحقاً أن الفيديو تمّ تصويره خلال وجود بري في مدينة كربلاء في العراق، وذلك في زيارة حصلت في نيسان (أبريل) 2019.

ومن أبرز الأدوات التي تساهم في كشف زيف مقاطع الفيديو هي أداة InVID ، إذ يمكن إدخال أيّ ملف فيديو أو رابط لفيديو كي تتمّ معاينة ما يظهر من خلاله، كذلك المعلومات المخفيّة - ميتاداتا- التي قد يحتويها.

طبعاً، تبقى النصيحة الأبرز بضرورة النظر إلى أيّ خبر على أنه خاطئ حتى يتم تبيان العكس.
A+
A-
share
أيلول 2020
أنظر أيضا
07 أيار 2020 بقلم نور المللي، منسق إعلامي لمختبر"شّدة" الإعلامي
07 أيار 2020
بقلم نور المللي، منسق إعلامي لمختبر"شّدة" الإعلامي
07 أيار 2020 بقلم كريم شهيب، صحافي
07 أيار 2020
بقلم كريم شهيب، صحافي
أحدث فيديو
كلما أعطيت الأرض أكثر، كلما أعطتك المزيد
SalamWaKalam
كلما أعطيت الأرض أكثر، كلما أعطتك المزيد
SalamWaKalam

كلما أعطيت الأرض أكثر، كلما أعطتك المزيد

تشرين الأول 06, 2023 بقلم يارا ضرغام، -
تحميل المزيد