غياب المرأة في الأدوار القيادية

salam wa kalam website logo
trending شائع
نشر في 12 أيار 22 بقلم محمد ناصر 4 دقائق للقراءة
غياب المرأة في الأدوار القيادية
عدرا قنديل
إننا نشهد في مجتمعاتنا عصر التطورات السريعة التي تتراوح في طبيعتها بين الاجتماعية والتكنولوجية. في لبنان، يسود إحساس بالتناقض والإجماع لدى اللبنانيين إزاء التراجع السريع في البلد، وليس اللبنانيون بمنأى عن الأزمة في ظل أزمة الدولار والموارد المحدودة المتاحة. على المستوى البيئي، يعاني لبنان من كوارث كثيرة تسبب التلوث والدمار، مثل حرائق الغابات التي اندلعت في 28 تموز/يوليو 2021، [1] والانفجار المدمر الذي حدث في 4 آب/أغسطس 2020 في مرفأ بيروت. [2]

مع وجود الهيكل الحكومي الحالي، نجد أن الرجال يشغلون غالبية المناصب المرتبطة بصنع قرارات التغيير على نطاق البلد. وفي ظل التطور السريع في العالم، فإن معظم عمليات صنع القرارات متروكة للرجال لأن التسلسل الهرمي يضم عدداً محدوداً من النساء. كما يستدعي وجود 3 % فقط من أعضاء مجلس النواب اللبناني المنتخبين من النساء، نقاشاً أكبر بشأن أهمية وجود المرأة في المناصب القيادية. [3] في خضم هذه الفوضى، تعتبر مراقبة التداخل بين الجندر والأزمة في لبنان ومفهوم بناء السلام البيئي أمراً حيوياً لتحقيق النمو وإعادة البناء بفعالية في لبنان.

 

بناء السلام البيئي هو عملية إدارة الموارد لمنع نشوب الصراعات، بالإضافة إلى المساهمة في تعافي المجتمعات المتأثرة بالصراع. [4] في ضوء محدودية الموارد الحيوية في لبنان اليوم أو حتى عدم توفرها في بعض الحالات، مثل أزمة الوقود التي أعاقت حركة النقل بقوة وأزمة المازوت التي أسفرت عن معاناة الكثير من الأسر في لبنان جراء الطقس البارد والعواصف وعدم توفر وسائل التدفئة، تُعتبر إدارة الموارد وتوزيعها بكفاءة أمراً أساسياً للشعب اللبناني في تجاوز الأزمات. وتأتي أهمية تطبيق مفاهيم ومبادئ بناء السلام البيئي لإيجاد سبل لاستخدام الموارد المحدودة وتوزيعها على المواطنين.

 

عند السعي إلى تحديد احتياجات المجتمعات وفهمها، تتمثل إحدى النقاط الحيوية المتعلقة بإنجاز مثل هذه المهمة في أن يكون الناس في تلك المجتمعات على صلة بجميع صانعي القرارات أو قسم منهم. عندما تكون سلطات صنع القرارات العاملة على تخصيص الموارد مكونة حصرياً من الرجال، يحصل تجاهل لاحتياجات واهتمامات مجموعة كبيرة من السكان، وتحديداً النساء. بصرف  النظر عن الجدل حول ما إذا كان هذا التجاهل مقصوداً أم لا، فإن الضرر يحدث عندما لا تشارك النساء في الحوار. تبلغ نسبة النساء 51.2 % من اللبنانيين، [5] وبذلك يشكلن شريحة كبيرة من المجتمع وجميع القرارات المتخذة بشأن السياسات والأنظمة تؤثر عليهن. ومهما بلغت المحاولات الحثيثة، لا يمكن لأحد فهم نضال إحدى المجموعات ما لم يكن جزءاً منها. ولهذا السبب من الضروري مشاركة المرأة في دوائر صنع القرارات.

 

هذا يسلط الضوء على أهمية المرأة في الأدوار القيادية. مع تخلي المجتمعات عن الأيديولوجيات القديمة القائمة على التمييز ضد المرأة، تبرز الحاجة للتغيير المناسب. لا يمكن فهم احتياجات المرأة وتحديدها بأفضل صورة إلا من قبل المرأة نفسها. لذلك، فإن دورها القيادي أساسي في تحديد الموارد اللازمة لتلبية احتياجاتها. يعاني لبنان من غياب عدد النساء في المناصب القيادية ومناصب صنع القرارات بصورة ملحوظة، لكن هذه المشكلة لا تقتصر على هذا البلد. استناداً إلى المراقبة على المستوى العالمي، تشغل النساء 29 % فقط من المناصب الإدارية العليا [6] وهذا يزيد المشكلة تعقيداً. في العادة تتلخص المشاكل في لبنان في التخلف عن أمور  سبق إنجازها على المستوى العالمي. ولكن يتبين أن الظاهرة عالمية إلى حد ما عندما يتعلق الأمر بغياب المرأة في المناصب القيادية. وهذا لا يعطي لبنان دليلاً أو إرشادات محددة بشأن كيفية تناول المشكلة.

 

مع تداخل قضايا البيئة مع غياب المرأة في الأدوار القيادية، قد تصبح المشكلة معقدة للغاية بحيث لا يمكن معالجتها. لذلك، فإن التعامل مع القضية على أسس متعددة هو المدخل لحل القضايا المرتبطة بتولي المرأة الأدوار القيادية والأثر البيئي. عندما تشغل المرأة مناصب صنع القرارات، يمكنها أن تدرك كيفية تخصيص الموارد اللازمة للمرأة على نحو سليم. ومن شأن التوزيع الصحيح للموارد اللازمة للمرأة من خلال تطبيق مفاهيم ومبادئ بناء السلام البيئي، أن يفضي إلى الحد من النفايات المنتَجة وترسيخ ثقافة الاستخدام الفعال للموارد المتاحة.

 

الجندر والبيئة والموارد هي ثلاثة مصطلحات يبدو ارتباطها ببعضها البعض مستبعداً، لكنها تتشابك بصورة وثيقة وتتفاعل مع بعضها البعض ديناميكياً. لهذا السبب، من المهم أن يكون المرء على دراية بالقضايا المعقدة التي يمكن أن تفقد أهميتها بسهولة في خضم الفوضى الراهنة على الساحة الدولية. على وجه التحديد، مع تفاقم المشاكل حالياً في لبنان، من المهم جداً أن نكون على دراية بمثل هذه القضايا والخطوات التي يجب أن نتخذها كي نتمكن من إعادة بناء بيروت بفعالية ونجاح، ونحول دون سقوطها مرة أخرى.

 

 

المراجع

 

[1] لبنان يكافح حرائق الغابات في الشمال، ورجل الإطفاء يموتون" رويترز، طومسون رويترز، 28 تموز/يوليو 2021،

https://www.reuters.com/world/middle-east/lebanon-battles-wildfires-countrys-north-firefighter-dies-2021-07-28/

 [2] "انفجار مرفأ بيروت". مكتب اليونيسف في لبنان، 1 تشرين الأول/أكتوبر 2020،

https://www.unicef.org/lebanon/copy-of-beirut-explosions

 

[3] الجزيرة. "لماذا تصل قلة من النساء اللبنانيات إلى مجلس النواب؟" أخبار الأمم المتحدة | الجزيرة، الجزيرة، 21 كانون الثاني/يناير 2018، 

https://www.aljazeera.com/news/2018/1/21/why-do-few-lebanese-women-make-it-into-parliament

 

[4] "مرحباً بكم في منتدى المعارف المتعلقة ببناء السلام". بناء السلام البيئي | 

https://www.environmentalpeacebuilding.org/

 

[5] Countrymeters.info. "سكان لبنان". Countrymeters،

https://countrymeters.info/en/Lebanon

 

[6]"زيادة عدد النساء في المناصب القيادية في عام 2021". روبرت ف. سميث، 25 حزيران/يونيو 2021،

https://robertsmith.com/increasing-women-in-executive-leadership-positions-in-2021/#:~:text=In%20fact%2C%20the%20number%20of,in%20a%20senior%20management%20position

 

 

A+
A-
share
أنظر أيضا
08 نيسان 2024 بقلم رهف أبو حسّان، صحافية
08 نيسان 2024
بقلم رهف أبو حسّان، صحافية
07 نيسان 2024 بقلم ربى الزهوري، صحافية
07 نيسان 2024
بقلم ربى الزهوري، صحافية
06 نيسان 2024 بقلم أريج كوكاش، صحافي
06 نيسان 2024
بقلم أريج كوكاش، صحافي
أحدث فيديو
الأكثر مشاهدة هذا الشهر
25 نيسان 2024 بقلم زهراء عياد، صحافية
25 نيسان 2024
بقلم زهراء عياد، صحافية
08 نيسان 2024 بقلم رهف أبو حسّان، صحافية
08 نيسان 2024
بقلم رهف أبو حسّان، صحافية
07 نيسان 2024 بقلم ربى الزهوري، صحافية
07 نيسان 2024
بقلم ربى الزهوري، صحافية
تحميل المزيد