المرأة وتحدّيات العمل في قطاع الطاقة

salam wa kalam website logo
trending شائع
نشر في 02 كانون الأول 21 بقلم نور الحوت 4 دقائق للقراءة
 المرأة وتحدّيات العمل في قطاع الطاقة
عدرا قنديل
على الرغم من أن 61% من الطالبات في الجامعات العامة مسجّلات فعلياً في المجالات المرتبطة بالعلوم والهندسة والرياضيات والتكنولوجيا، ومدرجات بالفعل ضمن المواهب النسائية في قطاع الطاقة، إلّا أنّ مشاركة المرأة في القطاع كإختصاصيّة​فنيّة وصانعة قرار لا تزال منخفضة جداً (أحمد وآخرون، 2019).

ويعود ذلك إلى النظرة النمطية الإجتماعية والثقافية وتأثيرها على مراحل التعليم المبكر، حيث يقلّ تشجيع الشابات مقارنةً بالشبان على الإنخراط أو المشاركة في الأنشطة التي من شأنها بناء وتوسيع خياراتهن في متابعة مِهن العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (الوكالة الدولية للطاقة المتجدّدةIRENA ، الطاقة المتجدّدة). هذا بالإضافة إلى القيود والتحديات التي تواجهها المرأة إذا انضمّت إلى القطاع، الأمر الذي يخلق في وقت لاحق مواجهات في الإرتقاء إلى المناصب القيادية. وتتمثّل إحدى التحديات في القدرة على العمل والشغل في قطاع يسيطر عليه الذكور (الوكالة الدولية للطاقة المتجدّدةIRENA ، الطاقة المتجدّدة). علاوةً على ذلك، فإنّ ظروف العمل هي مواجهة أخرى سيتعيّن على المرأة مجابهتها بسبب تفكيرنا المجتمعي التكيّفي مع دور "المرأة التقليدي" كمقدّمة رعاية، إلى جانب عدم وجود قدوات نسائية ومرشدات في هذا القطاع. ومع ذلك، لماذا توجد مثل هذه القيود على المرأة في قطاع الطاقة إذا ثبت أنّ التنوّع الجنساني في القوى العاملة يمكن أن يولّد الإبتكار ويفتح مسارات جديدة لتطوير التكنولوجيا، ممّا يؤثّر بشكلٍ إيجابي على أداء الأعمال والإستثمار. ومع تزايد خلق فرص العمل في قطاع الطاقة المتجدّدة، كيف يمكننا تشجيع الشابات على سلوك الطريق نحو وظائف الطاقة، وإلهامهن على التفوّق في مثل هذه المجالات؟

إنّ عدم التوازن بين الجنسين في مكان العمل هو نتيجة المسارات التعليمية وإجراءات التوظيف التي ما زالت حتى اليوم موجّهة نحو الذكور. وعلى وجه التحديد، تبين أنّ العمالة في صناعة الطاقة التقليدية يهيمن عليها الذكور. ويشير هذا الدليل القائم إلى أن إحتمالات مشاركة المرأة في الطاقة المتجدّدة أكبر من إحتمالات مشاركتها في صناعة الطاقة التقليدية (لوكاس وآخرون، 2018). كما وأنّ الطاقة ترتبط عموماً إرتباطاً مباشراً بالمواضيع التقنية، التي يفترض أن تجتذب اهتماماً أكبر من الفتيان والشبان من اهتمام الفتيات والشابات إعتباراً من سنوات التعليم الأولى. بالإضافة إلى ذلك، حدّدت دراسة أجراها مجلس البترول العالمي في العام 2017 بالتعاون مع مجموعة بوسطن الإستشارية، حصّة المرأة في القوى العاملة في مجال النفط والغاز على مستوى العالم بنسبة 22%، مما يشير إلى نسبة أقلّ بكثير من تلك التي سجّلتها في قطاعات التصنيع والتمويل والصحة والعمل الإجتماعي والتعليم، بالإضافة إلى كونها حتى أقلّ من المتوسط في القوى العاملة ككلّ. وتجدر الإشارة إلى أن 27% من الوظائف المبتدئة في قطاع النفط والغاز التي تتطلّب شهادة جامعية تديرها نساء، إضافةً إلى 25% من وظائف المستوى المتوسط، و17% هي حصتهنّ الوحيدة في الوظائف العليا والتنفيذية على حدّ سواء. وبالتالي، لا تتاح للمرأة سوى فرصة واحدة من أصل مئة لأن تكون رئيسة تنفيذية في هذا القطاع (ريك وآخرون، 2017). وبالمثل، تبيّن أن 22% فقط من النساء يشغلن مناصب إدارية عليا في قطاع الكهرباء والمياه والغاز، مما يوفّر لهنّ نصف الحصة في قطاع الخدمات التعليمية والإجتماعية (مكارثي، 2016). 

في حالة لبنان، هناك العديد من الجامعات التي تمنح شهادات متعدّدة في مجال الطاقة تتراوح بين البكالوريوس والماجستير والدكتوراه. وقد أظهرت ثماني جامعات تمنح 15 شهادة في اختصاص الطاقة، تراجعاً في نسبة إلتحاق الطالبات في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في الكليات الخاصة والعامة على حدّ سواء (أحمد وآخرون، 2019). ويعزى ذلك جزئياً إلى التأثيرات الثقافية والإقليمية والتكنولوجية، ولكنّ سببه الأساسي هو التمييز الذي يمارس في بيئة العمل ككلّ. ويمكن ربط هذا  التراجع بعملية التوظيف، والإختيار، والفجوة في الأجور، والتدريب، والتطوير الذي يفترض أن يحدث في القطاع. ولا بدّ من اتخاذ الإجراءات على مستوى الفرد، والمنظمة، والإقتصاد ككلّ، لإعطاء انطباع جيّد وتمكين المرأة من التفكير في مثل هذه الوظائف.

في الختام، وبالنظر إلى أنّ المرأة ممثّلة تمثيلاً ناقصاً في مجالس الشركات وفي بعض المناصب الإدارية، وفي صنع السياسات، ولا سيما في المجالات المعنيّة بالطاقة، وبالنظر إلى أنّ النساء القليلات اللواتي يستطعن الوصول إلى المناصب العليا غالباً ما تكون صلتهن أقلّ بأقرانهن ممّا لو كان زميلاً رجلاً (الوكالة الدولية للطاقة المتجدّدة، الطاقة المتجدّدة)، فمن الضروري فهم التحديات والفرص التي  تواجهها الشابات والفتيات من أجل الإحاطة بمواضيع العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وتشجيعهن على الإنضمام إلى قطاع الطاقة. وينبغي وضع خطة يمكن من خلالها تنفيذ إستراتيجيات من أجل إلهام النساء وتشجيعهن ليس فقط على الإنضمام إلى قطاع الطاقة بل أيضاً على البقاء فيه.

 

المراجع

ع. أحمد، ل. كنترجيان، ـ. الغالي، إ. ماير، س. كونستانت (2019). Shedding light on female talent in Lebanon’s energy sector  (تسليط الضوء على المواهب النسائية في قطاع الطاقة في لبنان). https://doi.org/10.1596/31608

 

الوكالة الدولية للطاقة المتجدّدةIRENA ، Renewable Energy (الطاقة المتجدّدة)، https://irena.org/-/media/Files/IRENA/Agency/Publication/2019/Jan/IRENA_Gender_perspective_2019.pdf

 

ـ لوكاس، س. بينينغتون، ل. ف. كابيزا (2018)،  Education and training gaps in the renewable energy sector (فجوات التعليم والتدريب في قطاع الطاقة المتجددة) ، مجلة Solar Energy، المجلّد: 173، ص 449-455

 

ن. مكارثي، (2016)، Which industries have the most women in senior management? (ما هي الصناعات التي تضمّ أكبر عدد من النساء في الإدارة العليا؟)، مجلة فوربس، 8 آذار، https://www.forbes.com/sites/niallmccarthy/2016/03/08/which-industries-have-the-most-women-in-senior-management-infographic

 

ك. ريك، إي. مارتن، أو. فون لونسكي (2017)، Untapped Reserves: Promoting Gender Balance in Oil and Gas (احتياطيات غير مستغلّة: تعزيز التوازن بين الجنسين في النفط والغاز)، مجلس البترول العالمي ومجموعة بوسطن الإستشارية، 12 تموز.

 

 

A+
A-
share
أنظر أيضا
08 نيسان 2024 بقلم رهف أبو حسّان، صحافية
08 نيسان 2024
بقلم رهف أبو حسّان، صحافية
07 نيسان 2024 بقلم ربى الزهوري، صحافية
07 نيسان 2024
بقلم ربى الزهوري، صحافية
06 نيسان 2024 بقلم أريج كوكاش، صحافي
06 نيسان 2024
بقلم أريج كوكاش، صحافي
أحدث فيديو
قاتَلت في الحرب وبَنَت للسلام - تقرير رهف أبو حسّان
SalamWaKalam
قاتَلت في الحرب وبَنَت للسلام - تقرير رهف أبو حسّان
SalamWaKalam

قاتَلت في الحرب وبَنَت للسلام - تقرير رهف أبو حسّان

نيسان 08, 2024 بقلم رهف أبو حسّان، صحافية
الأكثر مشاهدة هذا الشهر
08 نيسان 2024 بقلم رهف أبو حسّان، صحافية
08 نيسان 2024
بقلم رهف أبو حسّان، صحافية
07 نيسان 2024 بقلم ربى الزهوري، صحافية
07 نيسان 2024
بقلم ربى الزهوري، صحافية
06 نيسان 2024 بقلم أريج كوكاش، صحافي
06 نيسان 2024
بقلم أريج كوكاش، صحافي
تحميل المزيد